الاثنين، 22 فبراير 2016
الأحد، 14 فبراير 2016
وبالنظر إ أن القانون كن أن يلعب دورا مهما الرفع من مستوى الوعي ا جتماعي للمواطن شريطة أن يبتعد كث ا عن ا قائق ا جتماعية، فإن ديد ا د ا د لسن الزواج 18 سنة وبصفة استثنائية 16 سنة بإذن معلل من القاضي قرر يب فيه ا سباب ا رة لذلك بعد ا ستماع إ القاصر والوالدين وا ستعانة ة طبية و ث اجتماعي كن أن يعت مدخ للرفع من وعي ا تمع أفق الرفع من ا د ا د للسن ا أذون فيه بالزواج، مع العلم أن النقاش الذي أث حول هذا ا وضوع ركز على النص القانو وا مارسة القضائية و لهما مسؤولية ظاهرة زواج القاصر وا ال أن ا قاربة ال ب اعتمادها ينبغي أن تكون ولية تستحضر بطبيعة ا ال ما هو قانو و لكن أيضا ما هو سوسيو ثقا للمجتمع ا غر ، باعتبار أن زواج القاصر يعت با ساس ظاهرة اجتماعية ثقافية، وما يعضد هذه ا قاربة
هي القراءة ا حصائية جم الطلبات ا قدمة لزواج القاصر خ ل السنوات ا خ ة ال سبق التطرق إليها.
تنظيم أيام دراسية وورشات عمل مع السادة القضاة العامل بأقسام قضاء ا سرة من أجل توحيد العمل القضائي، والسهر على حسن تطبيق ا قتضيات ا تعلقة بزواج القاصر مع ما يتماشى وغاية ا شرع.
ا واكبة والتتبع لعمل أقسام قضاء ا سرة، بواسطة قسم قضاء ا سرة والقاصرين وفاقدي ا هلية ديرية الشؤون ا دنية ذه الوزارة، وذلك من خ ل التواصل ا ستمر والقيام بالزيارات ذه ا قسام.
توجيه مناش لقضاة ا سرة ا كلف بالزواج تهم على التطبيق السليم قتضيات ا ادت 20 و21 من مدونة ا سرة.
كما لوحظ من خ ل ا عطيات أن طلبات ا ناث بالنسبة للزواج تشكل النسبة ا ك من طلبات الزواج دون سن ا هلية إذ أن طلبات الذكور تتعدى 326 طلبا سنة 2011 مقابل 46601 طلبا ل ناث، ونفس ا مر ي حظ السنوات السابقة حيث بلغت طلبات الذكور 438 طلبا مقابل 44134 ل ناث سنة 2010، وسجلت سنة 2009 ما موعه 174 طلبا للذكور مقابل 46915 ل ناث، وسنة 2008 تسجيل 308 طلبا للذكور مقابل 39296 ل ناث، كما شهدت
سنة 2007 تقد 379 طلبا للذكور مقابل 38331 ل ناث.
صوص سن زواج القاصرين في حظ أن طلبات ا ذن بزواج القاصر خ ل سنة 2011 تتوزع
ب سن 14 سنة و17 سنة بنسب تلفة، ذلك أن طلبات القاصرين الذين يصل سنهم إ 17 سنة
تشكل النسبة ا ك جموع وصل إ 31171 طلبا بنسبة 66.42% ح بلغت طلبات من يصل
سنهم إ 16 سنة إ 12777 طلبا بنسبة 27.21 %، وبلغت طلبات أصحاب 15 سنة ما موعه
2676 طلبا بنسبة 5.70% ح يصل هذا العدد إ ل 309 طلبا بالنسبة ن يبلغ سنهم 14
سنة أي بنسبة 0.66%.
خامسا: دواعي تحديد حد أدنى لسن الزواج
من ا علوم أن الزواج ت تب عنه عدة آثار ترتبط أساسا بالقدرة على مل ا لتزامات ال يفرضها، وبالتا فإن اق اح تقن ا د ا د لسن الزواج سن يف ض فيه النضج البد والنفسي، يبقى مقبو نظرا ا فيه من مصلحة للقاصر بالدرجة ا و ح يتمكن من القدرة على التمييز و ا دراك و الوعي
سؤولية الزواج و مل أعبائه.
ي حظ إذن أن هناك تشريعات دد السن ا د للزواج مقابل أخرى دده.
رابعا: قراءة إحصائية لزواج القاصر بالمغرب
لقد عرف زواج الف والفتاة دون سن ا هلية ارتفاعا نسبيا من سنة إ أخرى حيث انتقل من
18341 زواجا خ ل سنة 2004 إ 39031 زواجا خ ل سنة 2011 وهو ما يع أن عدد هذه
الز ات تضاعف خ ل ا سنوات، وا حظ أن أك معدل تغي تسجيله سنة 2006 حيث ارتفع
هذا الزواج مقارنة مع سنة 2005 بنسبة 22% ح أن أد معدل تغي عرفته سنة 2008 حيث
تسجيل نسبة ارتفاع تتجاوز 3 % ليعاود ا رتفاع سنة 2009 بنسبة 8% بنسبة 5% سنة 2010
ليصل معدل التغي سنة 2011 إ نسبة 12%. و كن هذا ا طار إبداء ا حظات التالية:
بالرغم ا يبدو من ارتفاع عدد ز ات القاصر سنة 2011 فإن نسبته من العدد
ا ا لرسوم الزواج يسجل ارتفاعا ملحوظا خ ل السنوات ا خ ة، إذ أ ا شكلت سنة 2007 ما
نسبته %10.02 وما نسبته 9,97 % سنة 2008 و10,58% سنة 2009 و%11,10 سنة
2010 ح سجلت نسبة %11,99 سنة2011 . إن عدد الطلبات ا رفوضة من طرف السادة قضاة ا سرة ا كلف بالزواج بلغ 4899 خ ل
سنة 2011 وهو ما ثل نسبة % 10,44 من موع الطلبات ا كومة، ح أن عدد الطلبات ا رفوضة بلغ 3474 سنة 2010 أي بنسبة تتجاوز 7,79 % وبلغ عدد الطلبات ا رفوضة سنة 2009 ما موعه 4074 أي ما نسبته 8,59% من عدد الطلبات، وبلغ سنة 2008 ما موعه 4377 طلبا رفضه أي ما نسبته 11,05% وسنة 2007 بلغت الطلبات ا رفوضة 4151 طلبا بنسبة 10,72% من موع الطلبات ا قدمة و خ ل سنة 2006 وصل العدد إ 3064 أي ما نسبته
%10,11.
وعلى الرغم من كون هذا النوع من الزواج يعرف استقرارا نسبيا نسبة ا ستجابة له من طرف السادة قضاة ا سرة ا كلف بالزواج حيث تراوحت ما ب حد أد وصل إ 86,79% سنة 2006 وحدا أعلى بلغ 92,21% سنة 2010 ، فا حظ أن هذا الزواج يعرف ارتفاعا نسبيا، علما أن
الوزارة تو عناية خاصة ذا الزواج وتتابعه عنكثب، وذلك من خ ل ما يلي:
145 و148 من القانون ا د الفرنسي6، وإسبانيا حيث يسمح بزواج القاصرين حالة توفر أسباب وجيهة، ويتوقف هذا الزواج على إذن قضائي و موافقة العائلة، وهو ما تطرقت له ا واد 45 و46 من القانون ا د ا سبا 7، كما أعطت ا ادة 145 من القانون ا د البلجيكي كمة الشباب، ص حية
تزويج من هم أقل من سن 18 سنة حالة وجود أسباب خط ة8. و هذا ا طار كن تصنيف الدول ا وروبية إ ث ث فئات؛
1- الفئة ا و حددت السن القانو للزواج 18 سنة وا ستثناء 16 سنة وافقة الوالدين أو ا كمة ( إيطاليا، النرويج،....)
2- وفئة ثانية حددت السن القانو للزواج 18 سنة و دد السن ا د للزواج بل جعلت ا مر ره وافقة ا كمة أو الوالدين( فلندا، إيرلندا،...)
3- وفئة ثالثة حددت السن القانو للزواج 18 سنة مع ديد ا ستثناء 15 أو 14 وربطه وافقة الوالدين أو ا كمة(جورجيا، استونيا، الد ارك)
أما بالنسبة للدول العربية فقد تضمنت قوانينها بعض ا قتضيات ال تسمح بزواج القاصر، ونذكر
منها على سبيل ا ثال ا صر : لة ا حوال الشخصية التونسية، حيث أقر الفصل ا امس منها
إمكانية إبرام عقد زواج القاصر بعد ا صول على إذن خاص من ا كمة، حالة وجود أسباب خط ة
ومصلحة واضحة للزوج ، كما منحت ا ادة 18 من قانون ا سرة السوري للف البالغ من العمر 15
سنة، أو الفتاة البالغة 13 سنة، ا ق طلب ا صول على إذن بالزواج من القاضي، و يرخص ما
بالزواج إ إذا تب صدق دعوا ا واحتمال جسميهما، وبعد موافقة الو إذا كان هو ا ب أو ا د، وقد
خولت ا ادة ا امسة من قانون ا حوال الشخصية ا رد للقاضي منح ا ذن بزواج القاصر إذا أكمل
15 سنة، وكان مثل هذا الزواج مصلحة.
6 - Article 145:" Néanmoins, il est loisible au procureur de la République du lieu de célébration du mariage d'accorder des dispenses d'âge pour des motifs graves" .
Article 148":Les mineurs ne peuvent contracter mariage sans le consentement de leurs père et mère ; en cas de dissentiment entre le père et la mère, ce partage emporte consentement".
7- Article 45:" Le mariage est interdit :1° Au mineur qui n’a pas obtenu l’autorisation..."
- Article 46: " L’autorisation dont parle le n° 1 de l’article précédent doit être accordée aux enfants légitimes par leur père ; en cas de décès ou d’empêchement on devra la solliciter dans cet ordre, celui de la mère, des ancêtres paternels et maternels, et, à leur défaut, du conseil de famille"
8- Article 144:" Nul ne peut contracter mariage avant dix-huit ans"
- Article 145:" Le tribunal de la jeunesse peut, pour motifs graves, lever la prohibition de l'article précédent"
ثانيا:زواج القاصر في مدونة ا سرة
لقد جعل ا شرع ا غر سن 18 سنا هلية للزواج اشيا مع ا تفاقيات الدولية، إذ اعت ت ا ادة
19 من مدونة ا سرة أن أهلية الزواج تكتمل بإ ام الف والفتاة ا تمتع بقوا ا العقلية ان عشرة سنة
سية، إ أنه فتح نافذة ا ستثناء ع موعة من الضوابط والشروط ح يتم الشطط حق الطفولة.
ف ينجز الزواج إ بإذن القاضي، قرر معلل يب فيه ا صلحة وا سباب ا رة لذلك، بعد ا ستماع
بوي القاصر أو نائبه الشرعي، وا ستعانة ة طبية أو إجراء ث اجتماعي، وهي ضمانات يتع على
القضاء قيقها وتفعيلها على أرض الواقع، وذلك برفض طلبات ا ذن بالزواج دون سن ا هليةكلما بدا له
انتفاء ا صلحة أو احتمال حصول ضرر ت تب عنه عواقب وخيمة على الصحة ا سدية أو النفسية للمعنية
با مر. وبذلك، يتضح أن مدونة ا سرة سلكت مسلكا وسطا ح تركت ن يبلغ السن ا ددة قانونا،
والراغب الزواج ذكرا كان أم أنثى ا ق أن يرفع أمره إ القاضي لينظر أمره، ويأذن له بالزواج إن بدت ا صلحة فيه.
ثالثا: زواج القاصر في ا تفاقيات الدولية والقوانين المقارنة
لقد أباحت اتفاقية الرضا بالزواج وا د ا د لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج، ال دخلت حيز التطبيق بتاريخ: 9 دجن 1964، ماد ا الثانية تزويج القاصرين استثناء عندما يكون ا مر صلحة الطرف و سباب جدية.كما أصدرت ا معية العامة ل مم ا تحدة توصية فاتح نون 1965 تدعو فيه الدول ا عضاء با اذ التداب التشريعية ال زمة ، لتعي حد أد لسن الزواج على أن تقل عن سة
عشر عاما. وبعد ذلك بسنوات اعت ت ا تفاقية الدولية قوق الطفل الصادرة بتاريخ 1989/11/20
ا صادق عليها وجب الظه ا ؤرخ 1993/6/14 أن الطفل هو كل إنسان يتجاوز بعد الثمانية عشر سنة. وأوجبت ا ادة 24 من ا تفاقية على الدول ا اذ كل التداب الفعالة وا ناسبة من أجل القضاء على كل ا مارسات التقليدية ا ضرة بصحة ا طفال. ح اعت ت نة حقوق الطفل من جهتها، أن
زواج ا طفال والزواج ا ي هي ارسات تقليدية مضرة. والواقع أنه إذا كانت ا تفاقيات الدولية قد نصت على سن 18 باعتباره السن ا علن عن انتهاء
الطفولة فهذا نع العديد من الدول من ديد سن أد للزواج أقل من 18 سنة بعض ا ا ت، ونذكر من هذه الدول فرنسا، حيث كن لوكيل ا مهورية كان إبرام الزواج ا عفاء من شرط السن حالة توفر أسباب جدية، و يتم الزواج هذه ا الة إ وافقة أبوي القاصر، وهو ما نصت عليه ا ادتان
ا اه يذهب إ منع زواج القاصرات2، ويستند إ أن زواج الن (ص) من عائشة وهي صغ ة من
خصوصياته، وأنه من العرف الذي كان سائدا عند العرب ذلك العهد والذي يتغ بتغ الزمان3، كما
يعت ون أن الرضا من شروط الزواج وهذا الشرط غ متوفر الفتاة القاصر ا غ راشدة.
ا اه ثالث يرى أن ا صل ا مر ا باحة وأنه وز لو ا مر تقييد ا باحات للضرورة أو ا صلحة4.
إن النقاش إذن حول زواج الصغ ة أو القاصر عرفه الفقه منذ القدم وزاد من حدة النقاش حوله ما عرفته ا تمعات ا عاصرة من تطورات، لذا واستحضارا جتهادات متقدمة لعلماء ا مة ا بنية على قواعد وأصول تصلح لكل عصر ومن أبرزها ما خصص له ا مام ابن القيم ا وزية فص كام كتابه "إع م ا وقع عن رب العا "، وتتعلق بتغ الفتوى واخت فها سب تغ ا زمنة وا مكنة وا حوال والنيات والعوائد حيث اعت أن الشريعة "عدل كلها، ور ة كلها، ومصا كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إ ا ور، وعن الر ة إ ضدها، وعن ا صلحة إ ا فسدة ، وعن ا كمة إ العبث،
فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل ا ب عباده،.."5 وقد أسس ابن القيم ذه القاعدة جموعة من ا مثلة ال تبيح لو ا مر وا اكم تقييد ا باحات
عند اشتهار الضرر ومن ذلك ما قام به عمر بن ا طاب رضي ا عنه ح أسقط حد السرقة عام ا اعة وهو ما يدل على أن لو ا مر تقييد ا باح ا يرى فيه قيق ا صلحة، ح وإن كان أصله الشرع.
وعليه فإن تشريع قانون دد سنا معينة للزواج هو من باب درء ا فاسد ورفع الضرر ا تب عليه،
وفيه مصا عامة ب أن تراعى وتؤخذ بع ا عتبار وبالتا فإن سن قانون كهذا يعد من ا مور
ا ستحدثة ال خالفت الشرع، بل فيه مراعاة لقاعدة تغ الفتوى بتغ الزمان وا كان.
2-من الفقهاء المعاصرين هناك الشبخ محمد بن ناصر ا لباني و الشيخ ابن العثيمين والشيخ القرضاوي الذي قال برفع سن زواج الفتاة ل16 سنة
3- قال بهذا الرأي فقهاء معدودون في كبار التابعين، تو ّزعوا على الحواضر ا س مية الكبرى في القرن الثاني للهجرة وكانوا جميعهم أهل ورع وتقوى. أولهم عثمان الب تي فقيه البصرة في زمانه. وثانيهم أبو بكر ا صم فقيه المدينة و شيخ مالك ابن أنس. وثالثهم عبد ابن ُش ْب ُرمة الذي جمع بين الفقه والحديث، كما تولّى القضاء للعباسيين، وكان من أئمة الفُرو ِع، أنظر سير أع م النب ء للذهبي.
4-ذهب لهذا الرأي ع ل الفاسي وأشار في كتابه "التقريب في شرح مدونة ا سرة" وعلل تحديد سن زواج الفتاة في 15 سنة أنه مقترح يرمي إلى التقليل من مخاطر وأخطار الزواج المبكر، واعتبر ذلك استحسانا مبني على اعتبارات طبية يبطل العقد حين ُيبرمه بالولي وفق الضوابط الشرعية.
5-ابن القيم الجوزية: إع م الموقعين عن رب العالمين، المجلد الثاني، دار الحديث،2002، ص:5.
ورقة حول زواج القاصر*
لقد اعت الدستور أن "ا سرة القائمة على ع قة الزواج الشرعي هي ا لية ا ساسية للمجتمع"
(الفصل32)،كما ألقى على عاتق الدولة "ضمان ا ماية ا قوقية وا جتماعية وا قتصادية ل سرة، ا
يضمن وحد ا واستقرارها وا افظة عليها".
إ أن تنظيم مؤسسة الزواج يث عدة خ فات و اذبات ذات أبعاد دينية وأخرى ثقافية واجتماعية، ومن ذلك زواج القاصر حيث يثور التساؤل حول مدى م ءمة استمرار القبول به على ضوء التطورات ا قتصادية وا جتماعية والثقافية، ومن منطلق ما تقضي به الشريعة ا س مية وا واثيق الدولية.
أو :زواج القاصر في الشريعة ا س مية
لقد كان موضوع ديد حد أد لسن الزواج ل نقاش وخ ف ب الفقهاء ا تقدم وا عاصرين على حد سواء، و كن تصنيف ا مر لث ث ا اهات فقهية،
ا اه يقول بإباحة زواج القاصرات، ويستند إ العديد من ا دلة أ ها قوله تعا (﴿و الل ا ئي ي ئس ن م ن الم ح يض م ن نسا ئك م إن ار ت ب تم ، ف ع اد ته ن ا ثل ثة أش ه ر و الل ا ئي لم يح ض ن ﴾ الط ق:65/4] وال استنبط ا نفية والشافعية أ ا تُفيد مشروعية تزويج غ البالغ، ن ال ض هي الصغ ة ال تبلغ بعد، أو ال بلغت، ولكنها ض بسبب ا رض. ويستدلون أيضا بأن الرسول (ص) تزوج عائشة رضي ا عنها وهي
بنت تسع سنوات1.
*أنجزت هذه الورقة في سياق مساندة الوزارة لمقترح قانون تقدم به الفريق ا شتراكي بمجلس المستشارين حيث تم اعتماد تعديل للفصل 20 من مدونة ا سرة يرمي إلى تعديل الحد ا دنى الذي يجوز للقاضي النزول عنه بصفة استثنائية في زواج القاصر وهو سن 16.
1- صحيح البخاري، كتاب مناقب ا نصار، باب تزويج النبي صلى عليه وسلم عائشة، حديث 3894، الفتح (627/7).
المملكة المغربية وزارة العدل والحريات
الجمعة، 5 فبراير 2016
وتفسر هذه القواعد بتعلقها بطبيعة المادة التجارية فيما يتعلق بالسرعة في المعاملات ودعم الائتمان، وتجب الإشارة إلى أن هناك قواعد أخرى غير تلك التي سنقوم بدراستها إلا أننا اقتصرنا على بعض المبادئ الأساسية فقط.
المطلب الأول
القواعد الموضوعية
هناك العديد من القواعد الموضوعية التي تميز العقود التجارية،وخاصة عقد الوكالة التجارية عن غيره من العقود، ولعل أهم تلك القواعد التي سنتناولها هي المتعلقة بإثبات عقد الوكالة التجارية(الفقرة الأولى)ثم تقادم عقد الوكالة التجارية (الفقرة الثانية
الفقرة الأولى
إثبات عقد الوكالة التجارية
يفرض المشرع قواعد محددة تعتبر بمثابة قيود على مبدأ الإثبات في المادة المدنية ومثال ذلك الفصل 443 من ظهير الالتزامات والعقود ،وعلى عكس ذلك فعل في المادة التجارية حيث اقر مبدأ حرية الإثبات في المادة 334 من مدونة التجارة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كالتالي: هل يخضع عقد الوكالة التجارية كعقد تجاري لمبدأ حرية الإثبات أم أن هناك شكلية معينة يتطلبها المشرع في هذا العقد حتى يكون صحيحا ومنتجا للإثارة؟
قبل الخوض في الحديث عن إثبات هذا العقد لابد من التطرق إلى مفهوم الشكلية في العقد، التي يقصد بها الشكل الذي يتطلبه المشرع في عقد معين، ونقصد هنا مسالة الكتابة.فهذه الأخيرة إذا كانت شرطا لصحة العقد فان عدم توفرها يؤدي إلى انعدام العقد من أساسه،أما إذا كانت غير مطلوبة لصحة العقد وإنما لإثباته فقط،فان انعقاد العقد بدون كتابته يعتبر صحيحا ولا يطرح أي مشكل إلا في حالة حدوث نزاع حيث يجب على الأطراف في هذه الحالة الإدلاء بدليل أو حجة على ما تم التعاقد بشأنه.
ومن خلال النصوص المنهجة لعقد الوكالة التجارية فان المشرع لم يشترط فيما شكلا معينا لصحة العقد،حيث يمكن منح الوكالة شفويا،كما يمكن استنتاجها ضمنيا أو من خلال تنفيذها من طرف الوكيل التجاري ورجوعا إلى المادة 397 من مدونة التجارة نسجل أن المشرع تطلب الكتابة في عقد الوكالة التجارية من اجل إثبات العقد وعند الاقتضاء، إثبات تعديلاته، وليس من اجل صحة العقد.
ويعتبر هذا البند استثناء من القاعدة العامة التي تنص على مبدأ حرية الإثبات بموجب المادة 334 من مدونة التجارة.إلا انه من المنطق أن تتم كتابة العقد حسب نظرنا لأنها هي الوسيلة الفعالة لحماية الوكيل التجاري في مواجهة الموكل من الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها جراء عدم كتابة بنود العقد.
وبالنظر إلى أن المشرع قيد إثبات عقد الوكالة التجارية بالكتابة،فان حماية الوكيل التجاري. تقتضي تفسير الكتابة تفسيرا واسعا،وبالتالي تعتبر الرسائل المتبادلة بين الطرفين بمثابة عقد مكتوب،ولكن يشترط في الوثيقة المحررة أن توضح صفة الأطراف، وهكذا فان الكتابة المطلوبة بمقتضى المادة 397 من مدونة التجارة لا تفرض في الكتابة أن تكون عبارة عن وثيقة واحدة موقع عليها من الطرفين وتحمل اسم ''عقد'' وإنما كل كتابة تم التوقيع عليها من طرف الموكل ومن شانها توضيح طبيعة العقد ومحتواه.
فالكتابة إذا هي أداة ذات أهمية كبرى،تمكن أطراف العقد من تجنب أي لبس أو غموض يتعلق بطبيعة العلاقة بينهما،إلا أن المشرع لم يلزم الموكل والوكيل بها كشرط لصحة العقد الرابط بينهما ولكنه جعلها مجرد وسيلة للإثبات تخضع لاتفاق الأطراف.
الفقرة الثانية
تقادم عقد الوكالة التجارية
تبرر السرعة التي تعرفها المعاملات التجارية، إقدام المشرع على اعتماد آجال تقادم قصيرة،فإذا كان الأصل في الآجال هو 15 سنة في المواد المدنية فانه لا يتجاوز خمس سنوات في المادة التجارية وذلك بمقتضى المادة 5 من مدونة التجارة.
وبما أن المشرع لم ينص ضمن النصوص المنظمة للوكالة التجارية عن تقادم الدعاوي الناشئة عن عقد الوكالة التجارية ولا ضمن النصوص المنظمة للوكالة المدنية.إلا أنها تخضع لمقتضيات المادة 5 التي تطبق على المادة التجارية بصفة عامة، ولكن إذا ما رجعنا إلى الفصل 389 من ظهير الالتزامات والعقود نجده ينص على انه تتقادم بسنة ذات ثلاثمائة وخمسة وستين يوما:
1)...
2)دعوى الوسطاء من اجل استيفاء السمسرة،ابتداء من إبرام الصفقة
الإشكال الذي يطرح هنا هو بصدد عبارة ''الوسطاء'' حيث أن عقد الوكالة التجارية يدخل ضمن أعمال الوساطة التجارية ولكن المشرع أحسن عندما أكمل العبارة ب''من اجل استيفاء السمسرة''وبذلك يكون قد حدد مجال تطبيق هذه المادة في عقود السمسرة،وتبقى بذلك الوكالة التجارية خاضعة للتقادم الخمسي المنصوص عليه في مدونة التجارة.
إضافة إلى المادة 388 من ظهير الالتزامات والعقود التي تنص على ما يلي:
تتقادم بخمس سنوات دعوى التجار والموردين أو أرباب المصانع من بسبب التوريدات التي يقدمونها لغيرهم من التجار أو الموردين أو أرباب المصانع من اجل حاجات مهنهم
المطلب الثاني
القواعد الإجرائية
إن عقد الوكالة التجارية يستلزم كغيره من العقود التجارية احترام مجموعة من الضوابط الإجرائية المتعلقة بتنفيذ العقد أو انقضاءه.وهي إجراءات يتطلبها العمل التجاري بصفة عامة لحماية السرعة والائتمان في هذا الميدان، وتتنوع هذه الإجراءات حسب مراحل القيام بالتصرفات القانونية.وتشمل على سبيل المثال نظام الفوائد،ونظام المهل القضائية،إلا أننا سنقتصر فقط على مبدأ أي التضامن والإخطار نظرا لأهميتها البالغة في هذا العقد وسيكون ذلك في فقرتين.
الفقرة الأولى:
مبدأ التضامن في عقد الوكالة التجارية
إذا كان التضامن غير مفترض في الميدان المدني طبقا للفصل 164 من ظهير الالتزامات والعقود، فان القاعدة في الميدان التجاري هي افتراض التضامن من بين المدينتين وقد نصت على ذلك المادة 335 من مدونة التجارة فيما يلي:''يفترض التضامن في الالتزامات التجارية'' إضافة إلى ما نص عليه الفصل 165 من ظهير الالتزامات حيث جاء بما يلي"يقوم التضامن بحكم القانون في الالتزامات المتعاقد بين التجار لأغراض المعاملات التجارية وذلك ما لم يصرح السند المنشئ للالتزام أو القانون بعكسه.
أما فيما يخص عقد الوكالة التجارية فليس هناك أي نص ضمن القسم الثاني من الكتاب الرابع المنظم له،يقضي بافتراض التضامن بين المدينتين .لكن بما أن هذا العقد يخضع للقواعد الخاصة إضافة للقواعد العامة المنظمة للوكالة المدنية فلا بد من الرجوع إلى هذه الأخيرة في إطار ظهير التزامات والعقود حيث نجد الفصل 912 منه ينص على ما يلي''إذا تعدد الوكلاء فان التضامن لا يقوم بينهم إلا إذا اشترط ومع ذلك فان التضامن يقوم بقوة القانون بين الوكلاء
1)إذا حدث الضرر للموكل بتدليسهم أو بخطئهم المشترك وتعذر تحديد نصيب كل منهم في وقوعه.
2)إذا كانت الوكالة غير قابلة للتجزئة.
3) إذا أعطت الوكالة بين التجار لأعمال التجارة،ما لم يشترط غير ذلك،إلا أن الوكلاء ولو كانوا متضامنين،لا يسألون عما يكون قد أجراه احدهم خارج حدود الوكالة أو بإساءة مباشرتها
لكن هذا النص يبقى غير ملزما،إذ يمكن الاتفاق على عدم التضامن بين المدينتين لان قاعدة افتراض التضامن ليست من النظام وبالتالي يجوز الاتفاق على مخالفتها.
الفقرة الثانية
الإخطار في عقد الوكالة التجارية
إن كل مطالبة بالتعويض عن عدم الوفاء بالالتزامات إما يقتضى في المواد المدنية إعذار المدين وإخطاره بالوفاء،وان كان الأمر يكتسي طابعا شكليا متميزا في المواد المدنية،فان العرف قد جرى في المواد التجارية على حصوله بمجرد خطاب عادي أو شفاهي،وذلك تماشيا مع ما تتطلبه التجارة من سرعة في الإجراءات.
وتتجسد هذه القاعدة في عقد الوكالة فيما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 395 من مدونة التجارة بوجوب''التزام الأطراف بقواعد الصدق والإعلام'' وما يهمنا هنا هو عبارة الإعلام التي يقصد بها تبصير كل طرف لآخر وإخطاره وإخباره بما ينوي الإقدام عليه،وقد قام المشرع بالتأكيد على مبدأ الإخطار في المادة 396 في فقرتها الثانية حيث نصت انه''يمكن لكل طرف وضع حد لعقد غير محدد المدة بتوجيه إشعار للطرف الآخر''. ثم حدد المشرع آجال الإخطار وقواعد احتسابه في نفس المادة، هذا ويجب التنبيه إلى أن هذه القاعدة يرد عليها استثناء يتمثل في الحالة التي يقوم فيها الموكل بفسخ العقد دون سابق إنذار إذا ارتكب الوكيل التجاري خطأ جسيما طبقا لنفس المادة.
أما فيما يخص المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي يلحق الوكيل التجاري من جراء إنهاء عقد الوكالة التجارية، فقد جعله المشرع رهينا بتوجيه إشعار إلى الموكل بخبره في بنيته في المطالبة بحقوقه في التعويض داخل اجل سنة من تاريخ إنهاء العقد، طبقا للمادة 402 من مدونة التجارة في فقرتها الأولى.
-يقصد به مجموع من القواعد القانونية التي تحدد أفعال الإنسان التي تعتبرها جرائم لكونها تمس امن واستقرار المجتمع وتوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو تدابير وقائية .
-أو بمعنى أخر مجموعة القواعد التي تهتم بتجريم فعل يلحق أضرار بالمجتمع ويحدد العقوبات المقررة لها وكما يحدد الإجراءات والتدابير التي يجب اتخاذها في تحريك الدعوة العمومية .
-أقسام القانون الجنائي:
يشمل القانون الجنائي ضربين من القواعد:
ا-القواعد الموضوعية: أو قانون الموضوع الذي يطبق على موضوع القضايا الجنائية ويقسم إلى قسمين:
+القانون الجنائي العام الذي يهتم بالأحكام العامة المتعلقة بكل من الجريمة والمجرم والعقوبة والتدبير الوقائي والتي تطبق مبدئيا على كافة الجرائم.
+القانون الجنائي الخاص: يتناول الأحكام المتعلقة بكل جريمة على حدة وبيان الجرائم المختلفة وهي عديدة ومتباينة وكذا العقوبات المطبقة عليها.
فهذا القسم من القانون الجنائي يعد تطبيقا للمبدأ الشهير "لاجريمة ولا عقوبة إلا بنص سايق" حيث يتولى فيه المشرع تحديد التصرفات التي يعدها جرائم واحدا واحدا حتى يتيسر للمخاطب بأحكام القانون الجنائي ممارسة حياته بطمأنينة تامة .
ب-القواعد الشكلية:
أو ما يسميه المشرع المغربي بالمسطرة الجنائية لأنه يهتم بموضوع القضايا الجنائية بل فقط بالإجراءات الواجب اتخاذها منذ وقوع الجريمة إلى حيث صدور الحكم أي قواعد المسطرة الواجبة التطبيق من طرف الأجهزة المكلفة بالعدالة الجنائية . وقواعد المسطرة الجنائية تعد ضرورية لأنها القواعد التي تضع القوانين الجنائية موضع التنفيذ.
وتشمل المسطرة الجنائية القواعد المنظمة للبحث التمهيدي و القواعد المتابعة عن الجريمة والتحقق فيها ومسطرة محاكمة مرتكبي الجريمة بالإضافة إلى إجراءات الطعن في الأحكام الجنائية .
طبيعة القانون التجاري:
يعتبر القانون الجنائي من بين فروع القوانين التي يصعب تصنيفها ضمن فروع القانون العام أو ضمن فروع القانون الخاص وفي هذا الصدد هنالك إشكالية فقهية انقسمت إلى عدة اتجاهات في تحديد طبيعته:
+اتجاه الأول: يعتبر القانون الجنائي فرعا من فروع القانون العام نظرا لطبيعة قواعده التي تسهر على من الدولة الداخلي والخارجي والمرتبطة بحماية النظام العام حيث لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها كما أن الجريمة في نظر هذا الاتجاه لا تشكل اعتداء على المجني عليه فحسب بل تلحق أضرار بالمجتمع بكامله .
+الاتجاه الثاني: يرى بأن القانون الجنائي يندرج ضمن فروع القانون الخاص ما دامت معظم الجرائم التي يحددها تمثل عدوانا على المصالح الشخصية للأفراد كما هو الشأن في جرائم القتل والسرقة والنصب وخيانة الأمانة والإيذاء بمختلف صوره وبالتالي فهو يسهر على حماية الأفراد .
+الاتجاه الثالث: يرى بان القانون الجنائي فرع مستقل بذاته لأنه ينفرد عن غيره من فروع القوانين بتحديد موضوعي التجريم والعقاب كما أن في نطاق القانون الجنائي خطأ جسيم وفادح وبالتالي فهو يرتب جزاءات خطيرة وشديدة مقارنة بالجزاءات المترتبة عن مخالفة مقتضيات القوانين الأخرى.
علاقة القانون الجنائي بفروع القوانين الأخرى:
*فعلى مستوى القانون الخاص: تتجلى العلاقة التي يربطها القانون الجنائي بفروع القانون الخاص (ق المدني ق لتجاري ق الشغل ) في كون هذه الفروع القانونية تحدد جزاءات فير رادعة بما فيه الكفاية لاحترام مقتضيايها فادا كانت قواعد القانون المدني نتظلم حق الملكية فإن القانون الجنائي يحمي الاعتداء على هذا الحق بتجريم السرقة وغيرها من أشكال الاعتداء على الملكية وإذا كانت قواعد القانون التجاري تتولى تنظيم المعاملات التجارية فان القانون الجنائي يحرم الأفعال التي تمس بالحرية التجارية كتجريم المنافسة الغير المشروعة وإصدار شيك بدون رصيد ونفس الشيء بالنسبة لقانون الشغل حيث توجد العديد من النصوص الجنائية تحمي الطبقة الشغيلة كتجريم تشغيل القاصرين.
*فعلى مستوى القانون العام: فللقانون الجنائي علاقة بالقانون الدستوري فإذا كان هذا الأخير يتولى تحديد النظام السياسي للدولة والسلطات فيها ويبين حقوق وحريات المواطنين فان القانون الجنائي يحرم الاعتداء على نظام الدولة كتجريم المؤامرة والخيانة والتجسس كما انه يجرم الأفعال التي تعتبر مساسا بالحقوق والحريات الفردية المعترف بها لدستور حرية التجول حرية الرأي والتعبير .
وللقانون الجنائي أيضا صلة وثيقة بالقانون الإداري وهي جزاءات تشبه إلى حد ما الجزاءات الجنائية غير أنها تبقى جزاءات تأديبية ذات طبيعة معنوية كتوبيخ أندار أو مهنية كوقف الترقية وتخفيض الرتبة .
-مفهوم الجريمة:
-الجريمة من زاوية علم الاجتماع يكون المقصود بها كل فعل ينبذه المجتمع ويستحق العقاب بغض النظر عن تأسيس عقوبة له في القانون أم لا.
-أما التعريف القانوني هو الذي أخذ به المشرع المغربي بقوله في الفصل 110 من القانون الجنائي:
” الجريمة هي عمل أو امتناع عن عمل مخالف للقانون الجنائي ومعاقب عليه بمقتضاه".
-أما التعريف الفقهي "الجريمة هي كل فعل أو امتناع صادر عن شخص قادر على التمييز يحدث اضطرابا اجتماعيا ويعاقب عليه التشريع الجنائي".
أركان الجريمة:
يتوقف وجود الجريمة على توفر ثلاثة أركان أساسية تسمى بالأركان العامة للجريمة وهي كالتالي:
-1 الركن القانوني:
ومعناه ضرورة وجود نص قانوني سابق يحدد نوع الجريمة والعقوبة المطبقة عليها فإذا انتفى النص القانوني فلا وجود للفعل الإجرامي ولا مبرر لإيقاع العقاب وهذا الركن يعبر عنه في التشريعات الجنائية الحديثة بمبدأ الجرائم والعقوبات.
*مضمون مبدأ شرعية التجريم والعقاب
هذا المبدأ هو ما يعبر عنه أحيانا بمبدأ "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" وهو يعني أن إي تصرف للفرد ولو أضر بالآخرين لا يعتبر جريمة إلا إذا نص القانون الجنائي على تجريمه وحدد له عقابا على المخالف وأصل هذا المبدأ في الشريعة الإسلامية قوله "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" .
ولأهمية هذا المبدأ فقد كرسه المشرع الجنائي المغربي في المادة الثالثة من القانون الجنائي "لايسوغ مؤاخذة أحد على فعل لا يعتبر جريمة بصريح القانون ولا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون".
ويقضي مبدأ الشرعية في الميدان الجنائي بأن تكون قواعد القانون الجنائي من مستوى القانون أي أن تصدر عن السلطة التشريعية الممثلة في البرلمان بمقتضى 45 من الدستور المغربي وهو ما يؤكده الفصل 46 من الدستور الذي ينص صراحة في فقرته الثالثة على أن القانون يختص في "تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها المسطرة الجنائية" .
*الغاية من هذا المبدأ
الغاية من هذا المبدأ هي حماية الفرد من المشرع ومن القاضي فبمقتضى هذا المبدأ يتحتم على المشرع أن يحدد أفعال الإنسان التي يعتبرها جرائم والعقوبات المقررة لها فيكون الفرد بذلك على بنية من التصرفات التي يعاقب عليها القانون فيجتنبها ويسلم من العقاب .
وتظهر الغاية من المبدأ في حماية الفرد من القاضي وذلك بالحد من سلطته التحكمية في الميدان الجنائي فلا يكمن للقاضي أن يجرم أفعالا لم يجرمها القانون ولا يمكنه أن يعاقب بعقوبات لم يحددها القانون كذلك .
كما يرفع عن الأفراد ظلم السلطة التنفيذية التي لا يمكنها أن تعاقب عن أي فعل كان إلا بالعقوبة المحددة وبالضمانات التي قررها القانون.
*النتائج العامة المترتبة على المبدأ
يترتب على مبدأ الشرعية في الميدان الجنائي ضرورة التقيد بثلاثة قواعد أساسية هما:
الفقرة الأولى: قاعدة عدم رجعية القانون الجنائي:
مقتضى هذا المبدأ أن النص الجنائي لا يجوز أن يسري على الماضي وإنما على المستقبل فقط وبعبارة أخرى فإن قواعد القانون الجنائي لا تطبق على الأفعال التي ترتكب قبل الشروع في تطبيق القانون الذي ينص على تجريمها وبناءا على ذلك تلتزم المحكمة بتطبيق القانون الذي كان ساريا وقت ارتكاب الجريمة لا القانون النافذ وقت المحاكمة وهذا المبدأ يطبق فقط على قواعد الموضوع دون القواعد الشكلية أو الإجرائية .
*الاستثناء الواردة على المبدأ
يمكن أن تدخل على مبدأ عدم رجعية القوانين الاستثنائية التالية
-القانون الاصلح للمتهم: هذا الاستثناء الهام من مبدأ "عدم رجعية القواعد الجنائية" كرسه المشرع المغربي في المادة 6 من القانون الجنائي التي جاء فيها "في حالة وجود عدة قوانين سارية المفعول بين تاريخ ارتكاب الجريمة والحكم النهائي بشأنها يتعين تطبيق القانون الاصلح للمتهم" فإذا كان القانون الجديد هو الاصلح فن القاضي يطبقه على تلك الجريمة ولو انها ارتكبت قبل سريان مفعوله.
ولتطبيق هذا الاستثناء لابد من توفر شرطين :
ش1- يلزم ان يكون النص الجنائي الجديد اصلح للمتهم من القديم:
قد يتدخل المشرع المغربي بطرق مختلفة ليجعل من القانون الجديد قانونا اصلح كأن يزيل الصفة الاجرامية عن فعل ما وأن ينزل به من درجة جنائية الى درجة جنحة وقد يعمد المشرع كذلك الى تخفيض عقوبة او تعويض عقوبة بعقوبة اخرى اقل شدة او تخفغيض مبلغ الغرامة وفي كل هذه الاحوال فإن القانون الجديد يطبق بأثر رجعي .
ش2-يلزم ألا يكون قد صدر حكم نهائي في موضوع الجريمة المرتكبة حتى يطبق عليها القانون الاصلح والمقصود بالحكم النهائي هو الذي لا يكون قابلا لأي طعن عاديا كان ام استثنائيا .
وعلة هذا الاستثناء ان المشرع عندما يستبدل عقوبة اشد بعقوبة اخف او يقرر محو الجريمة او تغيير شروط التجريم فمعناه انه ادرك قساوة المقتضيات وعدم ملاءمتها لظروف الجتمع ولا مصلحة من الاستمرار في تطبيقها.
-التدابير الوقائية:
اذا كان القانون قد منع تطبيق العقوبه التي يصد عنها قانون جديد بأتر رجعي على افعال ارتكبت في ظل قانون قديم ف4 ما لم تمن اصلح للمتهم ف6 فإنه على العكس من ذلك قد سمح بتطبيق التدابير الوقائية ياثر فوري ف8 من قج . وعلة هذا الاستثناء ان التدابير الوقائية لل تعد عقابا عن افعال وقعت وإنما هي مقررة لحماية المجتمع من الخطورة الاجرامية الكامنة في شخص المتهم وتهذف اساسا الى اصلاحه باعادة ادماجه في المجتمع وتهذيبه.
-القوانين المفسرة :
يعمد المشرع المغربي في بعض الاحيان الى اصدار قوانين قديمة وتسمى قوانين مفسرة لذلك يجب تطبيقها بأثر رجعي على الحالات المعروضة على المحاكم والمطبق بشأنها النص الاصلي ما لم تكن هذه الحالات قد فصل فيها بحكم نهائي.
الفقرة التانية: قاعدة اقليمية القوانين الجنائية:
يقصد بهذا المبدأ ان قانون الدولة هو الذي يطبق على كل الوقائع والافعال الاجرامية التي تقع داخلها وعلى كل الافراد المقيمين بها بغض النظر عن جنسيتهم سواء كانوا مواطينها او اجانب كما انه وفقا لهذا المبدأ فإن قانون الدولة لا يسري على مواطنبها الذين يوجدون خارج اقليمها لأنه سيصطدم بسيادة دولة اخرى.
الاسثتناءات الواردة على المبدأ:
هناك استثناءات ادخلها القانون الجنائي والمسطرة الجنائية على مبدأ الاقليمية ومن اهمها:
-الاخد بقواعد القانون الدولي العام الخاصة بالحصانة الدبلوماسية التي تقضي بتمتيع ممثلي الدولة الاجنبية المعتمدين رسميا بالمغرب بحصانة تجعلهم لا يخضعون للقانون المغربي بالنسبة للجرائم التي يرتكبونها فوق اقليمية ويخضعون لقوانين دولهم .
-حالة ارتكاب جرائم خارج اقليم الدولة اذا كان فيها مساس بأمن الدولة الداخلي او الخارجي كإرتكاب جناية حما السلاح ضد المغرب اوتزييف نقود او اوزاق بنكية وطنية متداولة بالمغرب بصفة قانونية حيث يمتد اليها القانون المغربي حتى ولو ارتكبت خارج اقليم الدولة .
-2 الركن المادي :
يعتبر الركن المادي أحد الأركان الأساسية التي تتحقق معها الجريمة، وهو النشاط المادي المجسد للفعل الإجرامي وهو يتحقق بارتكاب الجريمة تامة أو على الأقل تن تجري محاولة ارتكابها.
المطب الأول : الركن المادي في الجريمة التامة :
يتحقق الركن المادي في الجريمة ا لتامة بتوافر ثلاثة عناصر أساسية (نشاط إجرامي-تحقيق نتيجة ضارة عن هذا النشاط-وجود علاقة سببية بين هذا النشاط والنتيجة).
*نشاط إجرامي :
لا تسمح قواعد القانون الجنائي، كقاعدة عامة بالتدخل قبل ارتكاب الجريمة لا يعاقب على مجرد الأفكار والنوايا الإجرامية إلا إذا تحولت إلى نشاط مادي ملموس هذا النشاط الذي يعتبر العنصر الأول في الركن المادي للجريمة أما أن يكون ايجابيا (فهو عبارة عن فعل مادي يصدر من الشخص يتم بواسطة اليد كالضرب في جرائم القتل والإيذاء عموما، أو الاختلاس في السرقة أو كتابة عبارات القذف والسب في جرائم القذف)
أما بالنسبة للنشاط السلبي فهو يتحقق بالامتناع أي بعدم القيام بما يوجب القانون القيام به في بعض الحالات(كعدم التصريح بالولادة-عدم الحضور للإدلاء بالشهادة-عدو تقديم المساعدة لشخص في خطر-انكارالعدالة) .
*نتيجة إجرامية :
هي دلك الأثر المترتب عن نشاط الجاني ايجابيا كان أو سلبيا الذي يظهر في التغير الذي يحدث في العالم الخارجي، كّأثر ملازم لهذا النشاط، ففي جريمة القتل بنوعيه تكون النتيجة هي إزهاق روح الضحية، وفي جرائم الإيذاء بنوعيها عمديه وغير عمديه، تكون النتيجة هي ما أصاب المجني عليه من جراح أو كسور أو مرض، وفي جرائم الاعتداء على الأموال (سرقة-النصب-خيانة الأمانة) والنتيجة هي فقدان حق الملكية .
*وجود علاقة سببية بين الفعل والنتيجة :
يعني أن يكون النشاط الإجرامي الفعل أو الامتناع هو السبب المباشر لصول النتيجة فإذا انتقلت العلاقة السببية وانعدمت الجريمة ويطرح هذا العنصر أشكالا كبيرا عندما تتضافر عدة أسباب أو تتابع فيما بينها، لكي تِِؤدي إلى حصول نتيجة معينة :
مــــثــال : شخص يضرب شخصا أخر فيموت هذا الشخص تم يتضح فيما بعد أنه كان مريضا فهل تعتبر الوفاة نتيجة للضرب أو المرض ؟ . للايجابة عن هذا ا لسؤال اقترح الفقه 3 نظريات أساسية :
+نظرية تكافؤ الأسباب : وتعني أن كل الأسباب تكون متكافئة فيما بينها وتوجد في نفس المرتبة أو بمعنى أخر فإن كل من يأتي نشاطات يكون من جملة الأسباب التي اسهمت في حدوث النتيجة إلا ويكون مسؤولا مسؤولية جنائية كاملة أخرى كانت أقوى أثرا في إحداث النتيجة..
+نظرية السبب المباشر : وتقضي هذه النظرية بأنه يجب إهمال الأسباب البعيدة من حيث الزمن والاحتفاظ فقط بالسبب القريب زمنيا أي السبب المباشر الذي تبعه حصول النتيجة، فحسب هذه النظرية الجاني لا يسأل عن نشاطه إلا إذا كانت النتيجة الحاصلة متصلة اتصالا مباشرا بهذا النشاط.
+نظرية السببية الملائمة : وهي تقول بضرورة البحث من بين كل الأسباب البعيدة منها والقريبة، عن السبب الذي من شأنه أن يؤدي عادة وبحسب المجرى العادي والمألوف إلى حصول النتيجة ومعناه استبعاد الأسباب العارضة أو الثانوية التي لا يمكن أن تؤدي بحسب المجرى العادي للأمور لتحقق النتيجة (المرض).
المطلب الثاني : المـحاولة
المحاولة "هي الجريمة التي يبدل المجرم فيها كل ما في وسعه في سبيل الوصول إلى تحقيق النتيجة المقصودة دون أن يتأتى له ذلك نظرا لظروف خارجة عن إرادته". فهي إذن جريمة غير تامة لتخلف عنصر أساسي النتيجة الإجرامية ومع ذلك فالقانون ج م يعاقب عليها في حدود معينة.
1-النصوص المنظمة للمحاولة :
خص المشرع المغربي المحاولة بالفصول الآتية : ف114"كل محاولة ارتكاب جناية بدت بالشروع في تنفيذها أو بأعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكابها إذا لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل الأثر المتوخى مهنا إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبيها، تعتبر كالجناية التامة ويعاقب عليها بهدف الصفة"
ف115"لا يعاقب على محاولة الجنحة إلا بمقتضى نص خاص في القانون"
ف117"يعاقب على المحاولة حتى في الأحوال التي يكون الغرض فيها غير ممكن بسبب ظروف واقعية يجهلها الفاعل".
2-عنـاصر المحـاولة :
*الشروع أو البدء في التنفيذ : ويعني أن المجرم يبدأ و يشرع في تنفيذ الركن المادي للجريمة بأي عمل يهدف إلى تحقيق نتيجتها، فلا محاولة إذن إذا لم يبدأ الجاني في تنفيذ الجريمة أو لم يأت أي عمل لا لبس فيه يهدف مباشرة من ورائه إلى تحقيق جريمته.
*انعدام العدول الإرادي : هذا العنصر يعني توقف المجرم عن إتمام الركن المادي للجريمة بسبب ظروف لا دخل لإرادة الجاني فيها. فهناك ظرف أو مانع خارجي يتدخل فيحول دون إتمام التنفيذ. وذلك كأن يرى المجرم أثناء قيامه بفعلته رجال الشرطة مقبلين نحو مكان الحادث، فهذا عدول غير إرادي.
3- صـور المحـاولة :
*الجريمة الموقوفة : وهي التي تقف فيها أعمال التنفيذ لأسباب خارجية عن إرادة الجاني قبل أن يشغل ما أعده من الوسائل لاقتراف الجريمة كالقبض عليه، أو مقاومة المجني عليه، أو تدخل شخص من الغير لإنقاذه أو هروب الجاني لسبب من الأسباب خارجة عن إرادته.
*الجريمة الخائبة : هي الجريمة التي لا تتحقق نتيجتها الإجرامية دون عدول من الجاني أو تدخل لأي عامل أجنبي رغم أن الفاعل استنفذ كل الأنشطة التي اعتقد أنها سوف توصله إلى النتيجة التي أرادها. ومثال ذاك أن يريد شخص سرقة مال شخص آخر وعندما يضع يده في جيبه يجده فارغا من النقود.
*الجريمة المستحيلة : وهي الجريمة التي لا يمكن فيها أن تتحقق فيها النتيجة الإجرامية لأن ذلك مستحيل و غير ممكن و مثال ذلك « محاولة إجهاض امرأة وهي غير حامل "..
4-عقاب المحاولة ;
محاولة الجناية: يعاقب عليها بالعقوبة المقررة للجناية التامة الفصل 114
محاولة الجنحة: يعاقب عليها إذا نص القانون صراحة على ذلك بالعقوبة المقررة لهذه الجنحة الفصل 115
محاولة المخالفة: غير معاقب عليها إطلاقا الفصل 116.
مثال: شخص وقف ليلا أمام متجر، فربما فعل ذلك لينظر إلى الملابس المعروضة داخل الواجهة الزجاجية للمتجر، أو ربما لسرقته.
فحارس الأمن لا يمكنه استفسار هذا الشخص عن وقوفه، ولكن إذا شرع في تكسير الواجهة الزجاجية، وجب آنذاك التدخل وإيقافه لأن محاولة الجريمة تحققت.
3-الركن المعنوي :
لا يكفي لتقرير المسؤولية الجنائية أن يصدر عن الجاني سلوك إجرامي ذو مظهر مادي بل لابد من توافر ركن معنوي الذي هو عبارة عن نية داخلية أو باطنية يضمرها الجاني في نفسه .
و يتخذ الركن المعنوي إحدى صورتين أساسيتين :
إمّا صورة الخطأ ألعمدي : أي القصد الجنائي ، و إمّا صورة الخطأ غير العمدي :أي الإهمال أو عدم الحيطة .
المطلب الأول : الخطأ الجنائي العمدي
عبارة عن توجيه الإرادة فعلا إلى تحقيق واقعية إجرامية معينة مع العلم بحقيقة تلك الواقعة وبأن القانون يجرمها، ولتحقيق هذا القصد الجنائي لا بد من توافر شرطين أساسين :
+توجيه الإرادة إلى تنفيذ الواقعة الإجرامية :
إذا لم يعتمد الجاني تنفيذ الواقعة المكونة للجريمة لا يتوفر القصد الجنائي، كمن يسوق سيارته بسرعة مفرطة مخالفا بذلك قانون السير فيصدم أحد المارة ويرديه قتيلا، لا يتوافر عنده القصد الجنائي، كقاتل عمد لأنه لم يوجه إرادته إلى تحصيل النتيجة التي هي إزهاق روح أحد المارة.
وعكس دلك في حالة إذا ما تربص شخص بأحد له عداوة به فأطلق عليه النار، مما أدى إلى قتله وبذلك توافر لديه القصد الجنائي.
+العلم بحقيقة الواقعة الإجرامية من حيث الواقع :
يتوجب على الجاني أن يكون عالما بتلك الواقعة تمام العلم ومحيطا بها إحاطة تامة، وينتفي العلم بالواقعة الإجرامية كما عرفها القانون بالجهل أو الغلط، يقصد بجهل واقعة ما انعدام العلم بحقيقتها أما الغلط فيها فيعني فهمها على نحو مخالف لحقيقتها، كجهل الموثق الذي يتلقى معلومات غير صحيحة من المتعاقدين فيكتبها وهو يجهل زوريتها فلا يؤاخد بجريمة التزوير.
ومثال الغلط في الواقعة أن يأخذ المسافرين في قطار الحقيبة العائدة لشخص أخر معتقدا أنها له، فلا يعد سارقا لوقوعه في غلط جوهري في صفة الحقيبة وهو غلط في الواقع.
المطلب الثاني : الخطأ الجنائي غير العمدي في الجرائم غير العمدية :
يشترط في الركن المعنوي في الجرائم غير العمدية توافر فقط سلوك خاطئ يأتيه الفاعل عن إرادة ولكن دون استهداف لنتيجة الجريمة التي قد تترتب عن هذا السلوك .
ويتضمن القانون ج م مجموعة من النصوص التي تقرر العقاب على أساس الخطأ الجنائي الغير العمدي تحتوي على تعابير مختلفة منها '"عدم التبصر-عدم الاحتياط-عدم الانتباه-الإهمال-عدم مراعاة النظم والقوانين-الرعونة".
صور الخطأ غير العمدي :
-عدم التبصر : وهو خطأ يرتكب في الغالب من طرف بعض الفننين كالاطباءوالصيادلة والرياضيين، في كل حالة يتسببون في جريمة نتيجة جهلهم بقواعد فنهم أو حرفتهم التي لا يجوز لمثلهم جهلها أو عدم القيام بها كما هو متطلب. كالطبيب الذي يجهض المرأة وهي في حالة صحية لا تسمح لها بذلك.
-عدم الاحتياط : و يقصد به الخطأ الذي ينطوي على نشاط إيجابي من الجاني ، و هذا الخطأ الذي يدرك فيه الجاني طبيعة عمله و ما قد يترتب عليه من نتائج ضارة ، كقيادة السيارة بسرعة زائدة في شارع مزدحم بالمارة يفضى إلى قتل أو جرح أحدهم .
-الإهمال وعدم الانتباه : ينصرف معنى الإهمال و عدم الانتباه لتقاربهما في المعنى إلى الخطأ الذي ينطوي عليه نشاط سلبي ترك أو امتناع يتمثل في إغفال الفاعل اتخاذ الحيطة التي يوجبها الحذر ، و الذي لو أتخذه لما وقعت النتيجة . كأن يتسبب الشخص في قتل إنسان أو جرحه بإهماله.
-الرعونة : يقصد بالرعونة سوء التقدير ، وقد تتجسد الرعونة في واقعة مادية تنطوي على خفة و سوء تصرف كأن يطلق الشخص النار ليصيد طير فيصيب أحد المارة ، وقد يتجسد في واقعة معنوية تنطوي على جهل و عدم كفاءة كالخطأ في تصميم بناء يرتكبه مهندس ، فيتسبب في سقوط البناء و موت شخص.
-عدم مراعاة النظم أو القوانين : يقصد به عدم تنصيب الأنظمة المقررة على النحو المطلوب، أي مخالفة كل ما تصدره جهات الإدارة المختلفة من تعليمات لحفظ النظام و الأمن و الصحة في صورة قوانين أو لوائح أو منشورات.
المجرم من حيث دوره المادي في الجريمة
قد ينفرد شخص واحد بتصميم وتنفيذ الجريمة، وقد يتم تنفيذها من أكثر من فاعل واحد، ويتم التمييز على هذا الأساس بين 3 أنواع من المجرمين الفاعل الأصلي والمساهم – والفاعل المعنوي – المشارك
-1 *الفاعل الأصلي والمساهم :
لم يعرف المشرع المغربي المساهمة وإنما تعرض للمساهم وذلك من خلال الفصل 128 من القانون الجنائي حيث يقول: ” يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عملا من أعمال التنفيذ المادي لها”.
ففي المساهمة يقوم كل واحد من الجناة بتنفيذ بعض الوقائع المكونة للجريمة كأن يقوم شخصان بتكسير باب متجر ويستوليان على محتوياته. وأيضا: شخص يسكب بنزين على دار وآخر يضرم النار فوقها. فالمساهم يكون فاعلا أصليا لأنه قام بعمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة. فالمساهمون يقومون بأعمال رئيسية لإخراج المشاريع الإجرامية إلى حيز الوجود، لذلك فهم فاعلون أصليون. وهم يستعيرون صفتهم الإجرامية من وقائع الجريمة.
*الفاعل المعنوي :
ينص الفصل 131 من القانون ج على أنه:” من حمل شخصا غير معاقب، بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، على ارتكاب جريمة، فإنه يعاقب بعقوبة الجريمة التي ارتكبها هذا الشخص”.
فقد يعمد شخص، سيئ النية إلى استغلال الوضع القانوني لشخص آخر بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، فيسخره لارتكاب الجريمة، وذلك كأن يكون هذا الأخير عديم المسؤولية إما لجنون أوعته أو صغر في السن، فيأمره على ارتكاب جريمة اعتقادا منه أنه لن يتعرض للعقوبة لأن من ارتكب الفعل غير مسؤول، لكن المشرع توقع هذه الحالة وقرر معاقبة المحرض من أجل الجريمة، وهذا موقف طبيعي ومنطقي لأن الفاعل الحقيقي هو المحرض، أما الشخص الغير المسؤول والذي سخر لارتكاب الفعل ففعله، فإنه يعد مجرد أداة للتنفيذ مسخرة من طرف المحرض الذي يسمى في هذه الحالة بالفاعل المعنوي ويوصف أيضا في الكتابات الجنائية بالمجرم الجبان.
-2الـمشارك :
إذا كان المشارك وخلافا للمساهم لا يرتكب أي عمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة، ولكن عمله يقتصر على مساعدة المساهم كأن يقوم بأعمال ثانوية غير داخلة في عناصر الجريمة مثال: أن يقدم سلاحا لشخص آخر ليستعمله في جريمة القتل. وهكذا يمكن القول أن المشاركين هم من يقومون بأعمال ثانوية في إخراج المشروع الإجرامي إلى حيز الوجود، وهم دائما يستعيرون صفتهم الإجرامية من الفاعلين الأصليين.
*الأفعال المكونة للمشاركة :
تنطرق المشرع المغربي إلى للمشاركة في الجريمة من خلال الفصل 129 من القانون ج الأفعال التي تتحقق بها المشاركة وهي :
- أمر بارتكاب الفعل أو حرض على ارتكابه، وذلك بهبة أو وعد أو تهديد أو إساءة استغلال سلطة أو ولاية أو تحايل أو تدليس إجرامي؛
-قدم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في ارتكاب الفعل مع علمه بأنها ستستعمل لذلك.
-تساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها مع علمه بذلك.
-تعود على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان للاجتماع لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص أو الأموال مع علمه بسلوكهم الإجرامي.
*شروط تحقق المشاركة :
لتحقق المشاركة في الجريمة لابد من توفر شروط يحددها الفقه فيما يلي :
-ضرورة ارتباط المشاركة بفعل رئيسي معاقب عليه .
-جود فعل رئيسي منصوص على تجريمه في القانون الجنائي من نوع جناية أو جنحة.
-ضرورة توافر النية الإجرامية عند المشارك .
-وجود علاقة سببية بين فعل المشارك وبين تنفيذ الجريمة .
*عقاب المشاركة
ينص الفصل 130 من القانون ج على أن: ” المشارك في جناية أو جنحة يعاقب بالعقوبة المقررة لهذه الجناية أو الجنحة”. ويضيف الفصل 131 أن الظروف الشخصية لا تؤثر إلا على من تتوفر فيه، أما الظروف العينية المتعلقة بالجريمة فإنها تنتج مفعولها بالنسبة لكل المساهمين أو المشاركين حتى ولو كانوا يجهلونها.
أما المشاركة في المخالفات فلا عقاب عليها مطلقا كما ينص على ذلك الفصل 129 من القانون ج في فقرته الأخيرة.
الـمـسؤولية الجنـائية
1-مفهومها :
هي الإلتزام بتحمل الآثار القانونية المترتبة على توافر أركان الجريمة، و موضوع هذا الإلتزام هو فرض عقوبة أو تدبير إحترازي، حددهما المشرع في حالة قيام مسؤولية أي شخص. و يعني هذا التعريف أن المسؤولية ليست ركن من أركان الجريمة ولا تدخل في تكوينها القانوني، و إنما هي الأثر المترتب عن تحقيق كل عناصر الجريمة، حيث تؤدي عند ثبوت أركان الجريمة إلى خضوع الجاني للجزاء الذي يقرره القانون و ذلك بموجب حكم قضائي .
2-أساس المسؤولية الجنائية :
إن تحقق المسؤولية ا لجنائية في حق الفاعل يستلزم توقيع الجزاء ، وعندما تتقرر مسؤولية الفاعل عن الجريمة فمعنى ذلك أن المسؤولية إستندت إلى أساس خاص يبرر مشروعية الجزاء تبعا لهذه المسؤولية ولقد اختلف الفقه في تحديد أساس المسؤولية الجنائية بحسب المدارس العقابية المتبعة :
*المدرسة التقليدية :
مفاد هذه النظرية أن الإنسان يملك حرية التصرف في أعماله، ويستطيع أن يختار الطريق الذي يريده من بين شتى الطرق التي تعرض عليه، دون أن يكون مجبرا على إتباع طريق معين، فإذا سلك طريق الجريمة بمحض إختياره أين كان يسعه ألا يرتكبها، فإنه يكون مسؤولا عنها.
وعلى هذا فالجريمة هي وليدة إرادة الفاعل الحرة، ويكون أساس المسؤولية الجنائية تبعا لذلك هو المسؤولية الأدبية أو الأخلاقية.
*المدرسة الوضعية :
إنتقدت هذه المدرسة الرأي السابق القائل بحرية الإختيار كأساس للمسؤولية الجنائية، كون أن ذلك يؤدي إلى حصر المسؤولية في نطاق ضيق، فأساس هذا المذهب أن سلوك الإنسان لا يعد و أن يكون نتيجة حتمية بحكم خضوعه لمجموعة من الظروف والعوامل التي تفرض عليه هذا السلوك.
وعليه فالإنسان لم يختر الجريمة بمحض إرادته، وإنما هي نتيجة حتمية تعود إلى مجموعة من الظروف قد تكون ظروف كامنة فيه، أو ظروف إجتماعية والتي تحيط به.
3-موانع المسؤولية الجنائية :
حسب الفصل 134 من القانون الجنائي فإن الأسباب الشخصية التي تعدم الإدراك والتميز لدى الشخص هي:
الخلل العقلي والضعف العقلي+ قصور الجنائي + بعض الظروف التي يجد الشخص نفسه فيها كحالة السكر الاضطراري.
*العاهات العقلية :
لقد ميز المشرع المغربي بين حالة الخلل العقلي الذي اعتبره مانعا من الموانع الكلية للمسؤولية الجنائية وبين حالة الضعف العقلي الذي اعتبره سببا من أسباب تخفيفها فقط.
وهكذا فقد نص المشرع في الفصل 134 ق.ج على أنه:"لا يكون مسؤولا ويجب الحكم بإعفائه، من كان وقت ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه،في حالة يستحيل عليه معها الإدراك، أو الإرادة نتيجة لخلل في قواه العقلية".
-وفي الجنايات والجنح يحكم بالإيداع القضائي في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية وفق الشروط المقررة في الفصل 76 من ق,ج.
-أما في مواد المخالفات فإن الشخص الذي يحكم بإعفائه-إذا كان خطرا على النظام العام- يسلم إلى السلطة الإدارية.
-أما الفصل 135 من ق.ج فينص على مفهوم المسؤولية الجنائية الناقصة وعلى تخفيف العقوبة، وهكذا يشير الفصل المذكور إلى "تكون مسؤولية لشخص ناقصة إذا كان وقت ارتكابه الجريمة مصابا بضعف في قواه العقلية من شأنه أن ينقص إدراكه أو إرادته ويؤدي تنقيص مسئوليته جزئيا" .
-وفي الجنايات والجنح تطبق على الجاني العقوبات أو التدابير الوقائية المقررة في الفصل 78 ق.ج .أما في المخالفات فتطبق العقوبات مع مراعاة حالة المتهم العقلية ".
وهكذا نجد أن المشرع المغربي قد تخلى عن مسؤولية المجنون لأن المسؤولية الجنائية تفرض الإدراك والإرادة وحرية التصرف،وهذا يتنافى مع حالة المجنون والمعتوه .
*حالة صغر السن :
+حالة الصغير الذي لم يبلغ 12 سنة: (الفصل 138 من ق.ج )
إذا ارتكب الصبي الجريمة ولم يتجاوز عمره هذا السن ،فإن مسئوليته الجنائية تنعدم بصفة مطلقة لأنه يكون غير آهل لها، وبالتالي يجب الحكم بإعفائه من العقوبة. وإذا كان إجرامه لا يحول دون ذلك فيمكن الحكم عليه بأحد التدابير كالحماية أو التهذيب المنصوص عليهما في الفصل 516 من قانون م.ج،
+حالة الصغير في سن 12 ولم يصل بعد إلى18 سنة:
ذهب الفصل 139 من ق . ج إلى التعبير:"الصغير الذي أتم 12 عاما ولم يصل إلى 18 تعتبر مسؤوليته ناقصة." فمفهوم هذا النص هو أن الصغير في هذه السن يعتبر مسؤولا عن الأفعال التي يرتكبها لكن مسؤوليته تبقى ناقصة أو مخففة وذلك بسبب عدم اكتمال تمييزه وتمتعه بصغر السن . إلا أن القاضي له الخيار في أن يحكم عليه بأحد تدابير الحماية والتهذيب الواردة في الفصل 516 ق.م.ج.
*السكر الغير الاختياري :
الفصل 137 ق.ج ينص على أنه :"السكر وحالات الانفعال أو الاندفاع العاطفي أو الناشيء عن تعاطي المواد المخدرة عمدا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعدم المسؤولية أو ينقصها.ويجوز وضع المجرم في مؤسسة علاجية طبقا لأحكام الفصلين 80 و81 من ق.ج."
وبهذا يكون القانون الجنائي صريحا بالنسبة لأحوال السكر والفزع والجرائم العاطفية والجرائم التي تنتج عن تناول مواد مخدرة عمدا.لكن وبعد قراءة هذا الفصل نجد أن المشرع لم يتعرض صراحة إلى السكر غير الاختياري كمانع من موانع المسؤولية، لكن باستعمالنا لقاعدة مفهوم المخالفة لنص الفصل 137 نجد أن المشرع المغربي جعل من حالة السكر غير الإختياري مانعا من موانع المسؤولية .
و نشير أن الفصل 137 سمح في حالة السكر الاختياري بوضع مجرم وضعا قضائيا في مؤسسة للعلاج بمقتضى حكم صادر عن قضاء الحكم .