الاثنين، 14 ديسمبر 2015

المساهمة والمشاركة والفاعل المعنوي

قد ينفرد شخص واحد بتصميم وتنفيذ الجريمة، وقد يتم تنفيذها من أكثر من فاعل واحد، ويأخذ تعدد الجناة من الناحية القانونية صورتين:
أ- المساهمة:
لم يعرف المشرع المغربي المساهمة وإنما تعرض للمساهم وذلك من خلال الفصل 128 من القانون الجنائي حيث يقول : ” يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عملا من أعمال التنفيذ المادي لها”.
ففي المساهمة يقوم كل واحد من الجناة بتنفيذ بعض الوقائع المكونة للجريمة كأن يقوم شخصان بتكسير باب متجر ويستوليان على محتوياته. وأيضا: شخص يسكب بنزين على دار وآخر يضرم النار فوقها. فالمساهم يكون فاعلا أصليا لأنه قام بعمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة. فالمساهمون يقومون بأعمال رئيسية لإخراج المشاريع الإجرامية إلى حيز الوجود، لذلك فهم فاعلون أصليون. وهم يستعيرون صفتهم الإجرامية من وقائع الجريمة.
ب- المشاركة:
إذا كان المشارك وخلافا للمساهم لا يرتكب أي عمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة، ولكن عمله يقتصر على مساعدة المساهم كأن يقوم بأعمال ثانوية غير داخلة في عناصر الجريمة مثال: أن يقدم سلاحا لشخص آخر ليستعمله في جريمة القتل. وهكذا يمكن القول أن المشاركين هم من يقومون بأعمال ثانوية في إخراج المشروع الإجرامي إلى حيز الوجود، وهم دائما يستعيرون صفتهم الإجرامية من الفاعلين الأصليين.
والمشرع المغربي تطرق للمشاركة في الجريمة من خلال الفصل 129 من القانون ج الذي ينص على أنه: ” يعتبر مشاركا في الجناية أو الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفيذها، ولكنه أتى أحد الأفعال الآتية:
أمر بارتكاب الفعل أو حرض على ارتكابه، وذلك بهبة أو وعد أو تهديد أو إساءة استغلال سلطة أو ولاية أو تحايل أو تدليس إجرامي؛ 
قدم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في ارتكاب الفعل مع علمه بأنها ستستعمل لذلك؛ 
تساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها مع علمه بذلك؛ 
تعود على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان للاجتماع لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص أو الأموال مع علمه بسلوكهم الإجرامي
وانطلاقا من النص يمكن القول أن للمشاركة شروطا إن انعدمت إحداها انتفت المشاركة وهذه الشروط هي:

شروط المشاركة: 
تحقق إحدى الحالات المنصوص عليها في الفصل 129 من القانون ج.
علم المشارك بما يعتزم القيام به الفاعل الأصلي، فيقدم له الأداة أو المسكن، أو المساعدة، أو غيرها من الحالات المذكورة، وهذا أمر ضروري ليتوافر لديه القصد الجنائي لقيام المسؤولية الجنائية. 
وجود فعل رئيسي منصوص على تجريمه في القانون الجنائي من نوع جناية أو جنحة. 
العقوبة:
ينص الفصل 130 من القانون ج على أن : ” المشارك في جناية أو جنحة يعاقب بالعقوبة المقررة لهذه الجناية أو الجنحة”. ويضيف الفصل 131 أن الظروف الشخصية لا تؤثر إلا على من تتوفر فيه، أما الظروف العينية المتعلقة بالجريمة فإنها تنتج مفعولها بالنسبة لكل المساهمين أو المشاركين حتى ولو كانوا يجهلونها.
أما المشاركة في المخالفات فلا عقاب عليها مطلقا كما ينص على ذلك الفصل 129 من القانون ج في فقرته الأخيرة. 

ج- الفاعل المعنوي:
ينص الفصل 131 من القانون ج على أنه:” من حمل شخصا غير معاقب، بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، على ارتكاب جريمة، فإنه يعاقب بعقوبة الجريمة التي ارتكبها هذا الشخص”.
فقد يعمد شخص، سيئ النية إلى استغلال الوضع القانوني لشخص آخر بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، فيسخره لارتكاب الجريمة، وذلك كأن يكون هذا الأخير عديم المسؤولية إما لجنون أوعته أو صغر في السن، فيأمره على ارتكاب جريمة اعتقادا منه أنه لن يتعرض للعقوبة لأن من ارتكب الفعل غير مسؤول، لكن المشرع توقع هذه الحالة وقرر معاقبة المحرض من أجل الجريمة، وهذا موقف طبيعي ومنطقي لأن الفاعل الحقيقي هو المحرض، أما الشخص الغير المسؤول والذي سخر لارتكاب الفعل ففعله، فإنه يعد مجرد أداة للتنفيذ مسخرة من طرف المحرض الذي يسمى في هذه الحالة بالفاعل المعنوي ويوصف أيضا في الكتابات الجنائية بالمجرم الجبان. 
ما ينبغي القيام به:
إذا تعلق الأمر بجرائم متلبس بها فعلى حارس الأمن أن لا يوقف الفاعل الأصلي بمفرده بل ومشاركيه أيضا إن أمكن ذلك أو أن يسجل أوصافهم بدقة إذا لاذوا بالفرار. خاصة وأننا نعلم أن هناك جرائم ترتكب من عدة أشخاص بالشارع العام كالسرقات بالخطف والسرقات من داخل السيارات.
الأسباب الموضوعية لانعدام المسؤولية الجنائية
قد تقوم الجريمة وتتحقق المسؤولية عنها وفقا للمبادئ العامة التي سبق التطرق لها، ومع ذلك ترفع الصفة الإجرامية عن الفعل ولا يلحق مرتكبه أي جزاء جنائي، حيث يعود الفعل أو الامتناع إلى أصلهما من الإباحة، وتسمى الأسباب التي من شأنها السماح بارتكاب أفعال هي في الأصل جرائم دون إمكانية مؤاخذة فاعليها عليها بأسباب التبرير أو الإباحة أو أسباب رفع المسؤولية الجنائية وهذه التسميات كلها هي بمعنى واحد. 
وقد تعرض المشرع المغربي لأسباب التبرير في الفصول 124 و125 من القانون الجنائي فنص في الفصل 124 على أنه : “لا جناية ولا جنحة ولا مخالفة في الأحوال الآتية:

إذا كان الفعل قد أوجبه القانون وأمرت به السلطة الشرعية؛ 
إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة، أو كان في حالة استحال عليه استحالة مادية اجتنابها وذلك لسبب خارجي لم يستطع مقاومته؛ 
إذا كانت هذه الجريمة قد استلزمتها ضرورة حالة للدفاع الشرعي عن نفس الفاعل أو غيره أو عن ماله أو مال غيره بشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع خطورة الاعتداء.

التبرير الناتج عن أمر القانون وإذن السلطة الشرعية:
إذا قام شخص بتنفيذ عمل يأمر به القانون وتأمر به السلطة الشرعية، فإن عمله هذا يكون مباحا ولو كان معاقب عليه. لكن ما الحكم إذا ارتكب الشخص الفعل استجابة لواجب القانون دون أمر السلطة الشرعية أو العكس؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد من الإشارة إلى أن القانون يؤخذ بمفهومه الواسع بحيث يشمل الإذن الصادر عن الهيئة التشريعية أو الهيئة التنفيذية بل وحتى ما يستنبط من العرف وقواعد المعاملات وكذا الشريعة الإسلامية وذلك لبساطتها والتي لا تتعدى حدود التأديب وما تفرضه بعض المهن والألعاب الرياضية .

بعد توضيح مفهوم القانون المقصود في الفصل 124 نشير إلى مسألة مهمة وهي:
هل المقصود من الفصل 124 الفقرة 1 من إذن القانون وأمر السلطة الشرعية توفر حالة دون أخرى ؟ أم ينبغي توفرهما معا؟ على اعتبار أن واو العطف تفيد الجمع وليس الاختيار ؟ ان ظاهر النص لا يتماشى مع الواقع ذلك أن هناك حالات كثيرة يكفي فيها توافر أحد الشرطين لوجود حالة التبرير. وهذا ما يتطلب منا التمييز بين حالة أمر القانون وحده، وحالة إذن السلطة الشرعية وحدها.
أولا: أمر القانون دون إذن السلطة الشرعية:
إن الأمثلة على ذلك كثيرة منها: 
الطبيب الذي يقوم بناء على أمر القانون بالتبليغ عن مرض معد، لا يعد مرتكبا لجريمة إفشاء السر المهني، لأن الأمر القانوني موجه إليه مباشرة ولا يحتاج في ذلك أمرا صادرا من السلطة الشرعية.
قاضي التحقيق الذي يقوم بتفتيش منازل الأشخاص المتهمين، فهو لا يعتبر ماسا بحرمة المسكن لأن أفعاله تكون بأمر القانون 
ضابط الشرطة القضائية الذي يمكنه أن يضع المشبوه فيه تحت الحراسة النظرية خلال المدة القانونية (الفصل 66 من ق.م.ج).
ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس يمكنه أن يمنع كل شخص يرى ضرورة في الاحتفاظ به من مغادرة مكان الجريمة إلى أن ينتهي من تحرياته(الفصل 65).
يمكن لكل شخص ضبط شخصا آخر متلبسا بجناية أو جنحة أن يلقي عليه القبض وأن يسوقه إلى أقرب ضابط للشرطة القضائية (الفصل 76 ق.ج).
ثانيا: إذن السلطة الشرعية دون أمر القانون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق